لا أود اقحام نفسي في قضايا أشبهه بالمستعصية، تحتاج لفريق من المتخصصين في تخطيط واعمار المدن، ومستشارين في علم الإدارة والشؤون المالية والقانونية، تقاس بالمسطرة والفرجار ولا يمكن اختراقها مهما بلغ ذوي الشأن من الآراء، ولكن ما يربطني بهذه المدينة الحالمة من العشق الأزلي وجمال الحياة، منذ سنوات طفولتي فقد كنت إلى جانب والدي وخالي وأعمامي وبعض الأعيان ومشايخ القبيلة رحمهم الله جميعاُ، نسكن بحي الثعالبة بشارع الميناء الذي أطلق عليه فيما بعد (طريق الملك خالد بن عبدالعزيز)، بجوار السفارة السودانية آنذاك، ومع آهات الشوق وجمال المدينة، ظلَّ القلب مُتَيَّمُ بمسقط الرأس (ثول الموروث والتاريخ)، فهي اللوحة التي تزدان ألوانها بهاء وجمالاً بنقاء من سكن الديار وتغنى بقصائدها وموروثها الذي بدأ في الاندثار.
ما حدث من هطول الأمطار والسيول الجارفة المنقولة على مدينة جدة، وما واكبها من أضرار أعاقت حركة السير، والحقت تلفيات جسيمة بالممتلكات والسيارات وبعض المساكن من العمائر والفلل، حديثة الانشاء التي لا يزيد معظم أعمارها عن عشرين عاما، وثمَّة سؤال عن هذه الأحياء الحديثة التي أقيمت على مجاري السيول المنقولة وبكميات كبيرة، تتجاوز السعة الاستيعابية لشبكات تصريف الأمطار، فيجب مساءلة أصحاب المخططات شرق طريق الحرمين، ومطالبتهم بتعويض أصحاب المساكن المتضررة بأراضي بديلة وبقيمة مادية للمباني المتضررة، دون النظر لمن قام باعتماد هذه المخططات، فالبعض منهم لا يعرف طبيعة وجغرافية الأودية ومجاري السيول، ويتم اعتماد المخطط على الورق، خصوصا وأن هناك مقولة تتردد على ألسنة بعض المسؤولين، أن معظم مدن المملكة قليلة الأمطار، دون الإلمام بالمتغيرات المناخية التي مرَّت بها المملكة في السنوات الأخيرة.
وبرؤية شخصية، بعيدة عن النقد اللاَّذِع والاتهام، فنحن لا نمتلك هذه الفرضيات، فالأجهزة الحكومية المتخصصة المخوَّلَة بصلاحية التَّصريح، والظهور أمام وسائل الإعلام واعلان الحقيقة للرأي العام، ليعرف المواطن حجم وأسباب وكيفية معالجة المشكلة، حتى لا تتكرر ولعل الجهاز التنفيذي يستطيع خلال فترة وجيزة إعادة الكشف على شبكات تصريف مياه الأمطار بالشوارع الرئيسة والفرعية، من خلال الخرائط التي تم اعتمادها، والتَّدرج في عمليات التعديل، لتكون البداية من الأحياء الأكثر تضرُّراً، وقد تستغرق زمناً أطول، وهذا لا يتنافى مع خطة معتمدة لإيجاد بنية تحتية مكتملة الشروط والمواصفات العمرانية، التي تليق برؤية المملكة2030، فقد تكون مدينة جدة مقر لعقد مؤتمرات دولية قادمة بالمملكة، وحتى لا نُحْرَج المسؤولين أمام ضيوف البلاد، ولمزيد من الإنجاز يتم اسناد مهمة التنفيذ لعشرات الشركات المعتمدة، تمتلك خبرات ومصنفة دولياً.
** تربوي وكاتب صحفي
اترك تعليق