سبحانك ربي ما أحكمك، كل ما في هذه الدُنيا راحل، ولا يبقىٰ إلا وجهك الكريم .. يا كريم يا عظيم، سبحانك أنت الأولُ لا شئ قبلك، وأنت الآخرُ لاشئ بعدك، وأنت الظاهر لا شئ فوقك، وأنت الباطنُ فلا شئ دونك؛ وعلوعلمك الواسع سبحانك محيطٌ بكل شئ، لك الأمر كله، واليك يرجعُ الأمر كله ولاحول ولا قوة لأحدٍ إلا بِك.
لقد ودعنا بالأمسِ القريب عاماً من أعمارنا، عشناه بكل ما كان فيه من خيرٍأنعم الله به علينا، أو من شرٍ صنعناه بأنفسنا. عامٌ رحلَ بأفراحه وأتراحهولن يعود، فقدنا فيه أحبةً أعزاء.. لقد رحل العام فيا تُرى هل سيكون شاهداًلنا أو علينا، نسأل الله العفو والعافيه ..! إنها السُنةُ التي
سنها الله في الحياة الدنيا والتي لها بكل ما فيها أجلٌ محتوم لايعلم وقته إلا الله…
ومن حكمة الله أنه جعل طرفي العام من الأشهر الحُرم، فعامنا الهجري يبدأ.. بشهر الله المُحرم وهو من الأشهر الحُرم، وينتهي بنهاية شهر ذي الحجة وهو من الأشهر الحُرم أيضاً، فالله – جل جلاله– يُعلمنا أن الأيام كلها أيام الله، فهو معنا في كل زمانٍ ومكان، وعلينا أن نتقي الله في
جميع أيامنا وأوقاتنا ولا نظلم فيها أنفسنا كما أوضح لنا ذلك جلياً في قوله تعالى: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خلقَ السماوات والأرض مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ “(التوبة: 36).
فاللهم احفظنا بحفظك، واكلأنا برعايتك، وأدِم علينا نعمك، واجعلنا لك من الشاكرين، وأنِر لنا البصر والبصيره، واختم لنا بخير، واجعل
عواقب أمورنا كلها الى خير، وأهِلَّ العام الجديد علينا وعلى الأمة الإسلامية والعالم أجمع بالخير العميم والفرج العظيم، واجعله اللهم عاماً فيه يغاث الناس وفيه ينعمون بتحقيق الآمال وصلاح الأحوال وراحة البال؛ ورحم الله من فقدناهم من الأحِبة وجعلهم يرفلون في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشُهداءِ والصالحين وحسُن أُولئِكَ رفيقاً.
ونسألُكَ اللهم أن تجعله عاماً مليئاً بالسعادة والطُمأنينةِ والأمن والأمان،وأنزل فيه علينا من الرحمات والبركات، وأفِض علينا فيه من الخيرات.. إنك سميع قريبٌ مُجيبُ الدعوات “سُبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين”.
اترك تعليق